اضطراب الأكل القهري

اضطراب الأكل القهري: الأسباب، الأعراض، والعلاج

مقدمة

هل تجد نفسك تأكل كميات كبيرة من الطعام حتى بعد الشعور بالشبع؟ هل تشعر بفقدان السيطرة على عاداتك الغذائية في أوقات معينة؟ قد تكون تعاني من اضطراب الأكل القهري. يعتبر هذا الاضطراب من أكثر اضطرابات الأكل انتشاراً في العالم، حيث يؤثر على حوالي 2-5% من السكان البالغين، لكن للأسف، غالباً ما يمر دون تشخيص أو علاج.

اضطراب الأكل القهري هو حالة نفسية تتميز بنوبات متكررة من تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة، مصحوبة بشعور قوي بفقدان السيطرة. وعلى عكس اضطراب الشره المرضي (البوليميا)، لا يتبع اضطراب الأكل القهري سلوكيات تعويضية مثل التقيؤ المتعمد، أو ممارسة الرياضة المفرطة، أو الصيام لفترات طويلة.

من المهم جداً فهم هذا الاضطراب والتعرف عليه مبكراً، لأنه يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة الجسدية والنفسية للفرد. قد يؤدي إلى زيادة الوزن، والإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكري، بالإضافة إلى الاكتئاب والقلق وانخفاض جودة الحياة بشكل عام.

في هذا المقال، سنتعرف على أعراض اضطراب الأكل القهري، وأسبابه المحتملة، وكيفية تشخيصه، وطرق العلاج المتاحة، وأين يمكن الحصول على المساعدة. سواء كنت تعاني بنفسك من هذا الاضطراب أو تحاول مساعدة شخص عزيز عليك، فإن فهم اضطراب الأكل القهري هو الخطوة الأولى نحو التعافي.

أعراض اضطراب الأكل القهري: كيف تعرف أنك تعاني منه؟

يمكن التعرف على اضطراب الأكل القهري من خلال مجموعة من الأعراض والسلوكيات المميزة. إليك العلامات الرئيسية التي قد تشير إلى وجود هذا الاضطراب:

  1. أكل كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة: تناول كمية من الطعام أكبر بكثير مما يتناوله معظم الناس في نفس الفترة الزمنية (عادة خلال ساعتين).
  2. الشعور بفقدان السيطرة على الأكل: عدم القدرة على التوقف عن الأكل أو التحكم في كمية الطعام المتناولة خلال النوبة.
  3. الأكل بسرعة أكبر من المعتاد: تناول الطعام بسرعة كبيرة دون الاستمتاع بمذاقه أو الشعور بالشبع.
  4. الأكل حتى الشعور بعدم الارتياح والامتلاء: الاستمرار في تناول الطعام حتى بعد الشعور بالامتلاء والانزعاج الجسدي.
  5. أكل كميات كبيرة من الطعام حتى عند عدم الشعور بالجوع: تناول الطعام ليس بسبب الجوع الفسيولوجي، بل استجابة لمحفزات عاطفية أو نفسية.
  6. الأكل بمفردك بسبب الشعور بالحرج من كمية الأكل: تفضيل تناول الطعام في الخفاء أو بعيداً عن الآخرين بسبب الخجل من كمية الطعام المستهلكة.
  7. الشعور بالاشمئزاز أو الاكتئاب أو الذنب بعد الإفراط في تناول الطعام: مشاعر سلبية قوية تأتي بعد نوبة الأكل المفرط.
  8. الشعور بالضيق بسبب نوبات الأكل: انزعاج واضح من سلوك الأكل والنتائج المترتبة عليه.
  9. تكرار النوبات مرة واحدة على الأقل في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر: لتشخيص اضطراب الأكل القهري، يجب أن تحدث هذه النوبات بانتظام ولفترة زمنية محددة.

في الواقع اليومي، قد تظهر هذه الأعراض بشكل أكثر تفصيلاً. على سبيل المثال، قد يجد الشخص نفسه يأكل علبة كاملة من البسكويت في جلسة واحدة، ثم يشعر بالذنب الشديد لاحقاً. أو قد يكتشف أنه يلجأ إلى الطعام عندما يشعر بالتوتر أو الحزن، وأنه غير قادر على التوقف بمجرد البدء.

تؤثر هذه الأعراض بشكل كبير على الحياة اليومية للشخص. قد يؤدي اضطراب الأكل القهري إلى صعوبات في العلاقات الاجتماعية، حيث يتجنب الشخص المناسبات التي تتضمن الطعام، أو يشعر بالقلق الشديد أثناء تناول الطعام مع الآخرين. كما يمكن أن يؤثر على الأداء في العمل أو الدراسة، بسبب التركيز المستمر على الطعام والشعور بالذنب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة الجسدية والنفسية، مما يؤثر على جودة الحياة بشكل عام.

أسباب اضطراب الأكل القهري: ما الذي يدفعك إلى الإفراط في تناول الطعام؟

اضطراب الأكل القهري، مثل معظم اضطرابات الأكل، لا ينتج عن سبب واحد بل هو نتيجة لتفاعل معقد بين عوامل بيولوجية ونفسية وبيئية. من المهم فهم أن هذا الاضطراب ليس نتيجة لضعف الإرادة أو نقص الانضباط الذاتي، بل هو حالة طبية حقيقية تستحق الرعاية والعلاج.

العوامل البيولوجية:

  1. العوامل الوراثية: تشير الدراسات إلى وجود استعداد وراثي لاضطرابات الأكل، بما في ذلك اضطراب الأكل القهري. إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من هذا الاضطراب، فقد تكون أكثر عرضة للإصابة به.
  2. الكيمياء الحيوية في الدماغ: يعتقد العلماء أن اختلال التوازن في بعض المواد الكيميائية في الدماغ، مثل السيروتونين والدوبامين، قد يلعب دوراً في اضطراب الأكل القهري. هذه المواد تؤثر على المزاج والشهية والشعور بالمكافأة.

العوامل النفسية:

  1. الاكتئاب والقلق: غالباً ما يرتبط اضطراب الأكل القهري باضطرابات المزاج مثل الاكتئاب والقلق. قد يلجأ الأشخاص إلى الطعام كوسيلة للتعامل مع المشاعر السلبية أو لتخفيف أعراض هذه الاضطرابات.
  2. تدني احترام الذات: قد يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الأكل القهري تدني في احترام الذات وصورة سلبية عن أنفسهم. قد يؤدي هذا إلى الاعتماد على الطعام كمصدر للراحة أو الرضا.
  3. مشاكل صورة الجسم: التركيز المفرط على شكل الجسم ووزنه يمكن أن يؤدي إلى علاقة غير صحية مع الطعام. قد يتسبب الشعور بعدم الرضا عن الجسم في دورة من الإفراط في تناول الطعام والشعور بالذنب.
  4. الصدمات والإيذاء: قد يكون الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات نفسية أو إيذاء في الماضي أكثر عرضة للإصابة باضطراب الأكل القهري. قد يصبح الطعام آلية للتعامل مع الألم العاطفي.

العوامل البيئية:

  1. الضغوط الاجتماعية: تلعب الضغوط الاجتماعية والثقافية للحصول على جسم مثالي دوراً في تطور اضطرابات الأكل. قد يؤدي الشعور بالفشل في تحقيق هذه المعايير إلى الإفراط في تناول الطعام.
  2. تاريخ الحميات الغذائية: قد تؤدي الحميات الغذائية المقيدة والمتكررة إلى دورة من الحرمان ثم الإفراط في تناول الطعام. هذه الدورة يمكن أن تسهم في تطور اضطراب الأكل القهري.
  3. توفر الطعام: سهولة الوصول إلى الأطعمة عالية السعرات الحرارية والمعالجة يمكن أن تسهم في سلوكيات الأكل المفرط، خاصة عندما تكون هذه الأطعمة مصممة لتكون مستساغة للغاية وتحفز مراكز المكافأة في الدماغ.

الإجهاد والتوتر:

يعتبر التوتر محركاً رئيسياً لاضطراب الأكل القهري. عندما يشعر الشخص بالإجهاد، قد يلجأ إلى الطعام كوسيلة للتكيف. يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الطعام إلى إطلاق هرمونات تساعد في تقليل التوتر مؤقتاً، مما يعزز هذه العادة السلوكية.

من المهم ملاحظة أن هذه العوامل غالباً ما تتفاعل مع بعضها البعض. على سبيل المثال، قد يكون لدى شخص ما استعداد وراثي لاضطرابات الأكل، ولكن لا تظهر عليه الأعراض إلا عندما يواجه ضغوطاً نفسية أو بيئية معينة.

تشخيص اضطراب الأكل القهري: كيف يتم التعرف عليه؟

تشخيص اضطراب الأكل القهري يتطلب تقييماً شاملاً من قبل متخصص في الصحة النفسية، مثل طبيب نفسي أو معالج نفسي أو أخصائي في اضطرابات الأكل. من المهم جداً التأكيد على أن التشخيص الذاتي غير موصى به، وأن الحصول على تقييم مهني هو الخطوة الأولى والأهم نحو العلاج الفعال.

عملية التقييم:

  1. التاريخ الطبي: يقوم المتخصص بجمع معلومات شاملة عن التاريخ الطبي للشخص، بما في ذلك تاريخ الوزن، وعادات الأكل، والأعراض الجسدية والنفسية المرتبطة بالطعام. قد يسأل أيضاً عن تاريخ العائلة من حيث اضطرابات الأكل واضطرابات الصحة النفسية الأخرى.
  2. التقييم النفسي: قد يستخدم المتخصص استبيانات واختبارات نفسية لتقييم أعراض اضطراب الأكل القهري، بالإضافة إلى تقييم الحالة المزاجية والعوامل النفسية الأخرى مثل صورة الجسم واحترام الذات.

معايير التشخيص:

يعتمد تشخيص اضطراب الأكل القهري على المعايير المحددة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5). وفقاً لهذه المعايير، يجب أن تتوفر الشروط التالية:

  1. نوبات متكررة من الأكل المفرط، تتميز بتناول كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية محددة وشعور بفقدان السيطرة على الأكل.
  2. نوبات الأكل المفرط مرتبطة بثلاثة (أو أكثر) من الخصائص التالية:
    • الأكل بسرعة أكبر من المعتاد
    • الأكل حتى الشعور بالامتلاء المزعج
    • تناول كميات كبيرة من الطعام عند عدم الشعور بالجوع
    • الأكل بمفردك بسبب الشعور بالحرج من كمية الطعام
    • الشعور بالاشمئزاز، الاكتئاب، أو الذنب الشديد بعد الإفراط في تناول الطعام
  3. شعور واضح بالضيق بسبب سلوك الأكل المفرط.
  4. حدوث نوبات الأكل المفرط، في المتوسط، مرة واحدة على الأقل في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر.
  5. عدم ارتباط سلوك الأكل المفرط بسلوكيات تعويضية غير مناسبة (مثل التقيؤ، أو الصيام، أو ممارسة الرياضة المفرطة) وعدم حدوثه حصراً أثناء فترات الإصابة باضطرابات أكل أخرى مثل فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي.

استبعاد الحالات الأخرى:

من المهم أن يقوم المتخصص باستبعاد الحالات الطبية أو النفسية الأخرى التي قد تسبب أعراضاً مشابهة لاضطراب الأكل القهري. هذه قد تشمل:

  • اضطرابات الغدة الدرقية
  • متلازمة كوشينغ
  • الاكتئاب الشديد
  • اضطرابات القلق
  • آثار جانبية لبعض الأدوية

التشخيص الدقيق هو الخطوة الأولى نحو العلاج المناسب، ويمكن أن يساعد في تحديد خطة العلاج الأكثر فعالية للشخص.

علاج اضطراب الأكل القهري: طرق فعالة للتعافي

علاج اضطراب الأكل القهري عادة ما يتطلب نهجاً متعدد الجوانب، يجمع بين العلاج النفسي، والتغييرات في نمط الحياة، وأحياناً الأدوية. الهدف من العلاج هو تقليل أو إيقاف نوبات الأكل المفرط، وتحسين الصحة الجسدية والنفسية، وتعزيز علاقة صحية مع الطعام.

العلاج النفسي:

  1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يعتبر من أكثر أنواع العلاج فعالية لاضطراب الأكل القهري. يساعد العلاج السلوكي المعرفي الأشخاص على تحديد وتغيير الأفكار والمعتقدات السلبية المرتبطة بالطعام والوزن وصورة الجسم. كما يتضمن تقنيات لتعلم كيفية التعامل مع المشاعر الصعبة دون اللجوء إلى الطعام. مثال: قد يساعد المعالج الشخص على تحديد الأفكار التلقائية مثل “لقد كان يوماً سيئاً، أستحق تناول الكثير من الطعام” واستبدالها بأفكار أكثر توازناً مثل “كان يوماً صعباً، لكن تناول الكثير من الطعام لن يحل المشكلة”.
  2. العلاج السلوكي الجدلي (DBT): يركز هذا النوع من العلاج على تطوير مهارات التنظيم العاطفي والتفاعل الاجتماعي الفعال. يساعد الأشخاص على التعامل مع المشاعر المؤلمة بطرق أكثر تكيفاً بدلاً من اللجوء إلى الأكل المفرط. مثال: يتعلم الشخص مهارات التحمل في الأزمات، مثل تقنيات التنفس العميق أو التأمل، لاستخدامها عندما يشعر بالرغبة الشديدة في الإفراط في تناول الطعام.
  3. العلاج بين الأشخاص (IPT): يركز هذا العلاج على تحسين العلاقات الشخصية ومهارات التواصل، مما قد يساعد في تقليل الضغوط الاجتماعية التي قد تؤدي إلى نوبات الأكل المفرط. مثال: قد يساعد المعالج الشخص على تطوير مهارات حل النزاعات وتحسين التواصل مع الأصدقاء والعائلة، مما يقلل من التوتر الذي قد يكون محفزاً لنوبات الأكل.

الأدوية:

قد يصف الطبيب أدوية معينة لمساعدة في علاج اضطراب الأكل القهري، خاصة عندما يكون مصحوباً باضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب أو القلق:

  1. مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs): مثل فلوكستين (بروزاك) أو سيرترالين (زولوفت)، قد تساعد في تقليل الرغبة في الأكل المفرط وتحسين المزاج.
  2. مضادات الاكتئاب الأخرى: قد تساعد في معالجة الاكتئاب المصاحب لاضطراب الأكل القهري.
  3. مضادات الصرع: بعض الأدوية مثل توبيراميت (توباماكس) قد تساعد في تقليل نوبات الأكل المفرط.

هام: يجب أن تستخدم الأدوية فقط تحت إشراف طبيب متخصص، وغالباً ما تكون أكثر فعالية عندما تُستخدم جنباً إلى جنب مع العلاج النفسي.

الاستشارة الغذائية:

يمكن أن يلعب أخصائي التغذية دوراً مهماً في علاج اضطراب الأكل القهري من خلال:

  1. تطوير خطة غذائية متوازنة تساعد في تنظيم أنماط الأكل وتجنب الجوع الشديد الذي قد يؤدي إلى نوبات الأكل المفرط.
  2. تعليم الشخص كيفية التعرف على إشارات الجوع والشبع الجسدية.
  3. معالجة أي نقص في المغذيات قد يكون ناتجاً عن أنماط الأكل غير المنتظمة.

مجموعات الدعم:

الانضمام إلى مجموعة دعم للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل يمكن أن يكون مفيداً جداً:

  1. توفير بيئة آمنة وداعمة لمشاركة التجارب والمشاعر.
  2. تقليل الشعور بالعزلة والوحدة.
  3. الحصول على نصائح عملية وإستراتيجيات للتعامل مع التحديات اليومية.

تغييرات نمط الحياة:

  1. ممارسة الرياضة بانتظام: يمكن أن تساعد التمارين المنتظمة في تحسين المزاج، وتقليل التوتر، وتعزيز صورة الجسم الإيجابية.
  2. تقنيات إدارة الإجهاد: مثل اليوغا، والتأمل، وتمارين التنفس العميق، تساعد في التعامل مع التوتر بدون اللجوء إلى الطعام.
  3. الأكل الواعي: تعلم كيفية الانتباه الكامل للطعام أثناء تناوله، والتمتع بكل قضمة، والتعرف على إشارات الجوع والشبع.
  4. الحصول على قسط كاف من النوم: يمكن أن يؤثر نقص النوم على الشهية وضبط النفس، لذا فإن الحصول على نوم كافٍ ومنتظم يمكن أن يساعد في تحسين أنماط الأكل.
طريقة العلاجالفوائد المحتملة
العلاج السلوكي المعرفيتغيير الأفكار السلبية، تطوير مهارات التعامل مع الضغوط
العلاج السلوكي الجدليتحسين تنظيم المشاعر، تطوير مهارات التعامل مع الأزمات
العلاج بين الأشخاصتحسين العلاقات الاجتماعية، تقليل التوتر الاجتماعي
الأدويةتقليل الرغبة في الأكل المفرط، تحسين المزاج
الاستشارة الغذائيةتنظيم أنماط الأكل، تحسين العلاقة مع الطعام
مجموعات الدعمالحصول على الدعم العاطفي، تقليل الشعور بالوحدة
تغييرات نمط الحياةتحسين الصحة العامة، تقليل التوتر، تعزيز الرفاهية

مع الالتزام بخطة العلاج المناسبة والدعم المستمر، يمكن للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الأكل القهري تحقيق تحسن كبير في حالتهم والتعافي من هذا الاضطراب.

استراتيجيات للتغلب على اضطراب الأكل القهري: كيف تدعم نفسك؟

بالإضافة إلى العلاج الرسمي، هناك العديد من الاستراتيجيات والتقنيات التي يمكن استخدامها للتعامل مع اضطراب الأكل القهري والتغلب عليه. هذه الاستراتيجيات تهدف إلى مساعدتك في إدارة الرغبة في الأكل المفرط ومنع نوبات الأكل القهري.

تحديد المحفزات:

من المهم جداً أن تتعرف على العوامل التي تحفز نوبات الأكل المفرط لديك. قد تشمل هذه المحفزات:

  • مشاعر معينة: مثل الحزن، الغضب، القلق، الملل، أو حتى السعادة المفرطة.
  • مواقف اجتماعية: مثل الحفلات أو التجمعات العائلية.
  • أنواع معينة من الطعام: خاصة الأطعمة عالية السكر أو الدهون.
  • أماكن معينة: مثل المطاعم أو المقاهي.
  • أوقات معينة: مثل المساء أو أثناء مشاهدة التلفاز.

نصيحة: احتفظ بمذكرة أو تطبيق على هاتفك لتسجيل ما تأكله ومتى وما هي مشاعرك في ذلك الوقت. هذا سيساعدك على تحديد أنماط واضحة ومعرفة المحفزات.

وضع خطة وجبات:

وجود خطة للوجبات يمكن أن يساعد في تنظيم أنماط الأكل وتقليل احتمالية حدوث نوبات الأكل المفرط:

  • تناول وجبات منتظمة كل 3-4 ساعات لتجنب الجوع الشديد.
  • تضمين البروتين والدهون الصحية والألياف في كل وجبة للشعور بالشبع لفترة أطول.
  • خطط لوجباتك مقدماً لتجنب اتخاذ قرارات غذائية تحت تأثير الجوع أو التوتر.
  • تحضير وجبات صحية يمكن تناولها بسرعة عند الشعور بالجوع.

تقنيات التشتيت:

عندما تشعر برغبة قوية في الإفراط في تناول الطعام، يمكن أن تساعد تقنيات التشتيت في إبعاد انتباهك عن هذه الرغبة:

  • قاعدة الـ 20 دقيقة: انتظر 20 دقيقة قبل الاستسلام للرغبة في الأكل. غالباً ما تتلاشى الرغبة الشديدة خلال هذه الفترة.
  • ممارسة نشاط بدني: الخروج للمشي أو ممارسة تمارين خفيفة.
  • الاتصال بصديق: التحدث مع شخص داعم عن مشاعرك.
  • القيام بهواية: مثل القراءة، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو ممارسة الرسم.
  • تمارين التنفس: قم بأخذ أنفاس عميقة وبطيئة لتهدئة الجهاز العصبي.

تحدي الأفكار السلبية:

غالباً ما تكون الأفكار السلبية عن الذات أو الطعام أو الجسم محركاً رئيسياً لنوبات الأكل المفرط:

  • تعرف على الأفكار التلقائية السلبية: مثل “أنا فاشل” أو “لقد خربت كل شيء بالفعل، فلماذا لا أستمر في الأكل؟”
  • تحدى هذه الأفكار: اسأل نفسك عن الأدلة على هذه الأفكار والأدلة ضدها.
  • استبدل الأفكار السلبية بأخرى أكثر توازناً: مثل “أنا أتعلم وأحاول التحسن” أو “الانتكاسة جزء من رحلة التعافي”.

ممارسة التعاطف مع الذات:

الكثير من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الأكل القهري يكونون قساة جداً على أنفسهم:

  • تعامل مع نفسك بلطف: تخيل كيف ستتحدث إلى صديق عزيز يمر بنفس التجربة.
  • اعترف بأن المعاناة جزء من التجربة الإنسانية: أنت لست وحدك في هذا.
  • تقبل مشاعرك دون أحكام: من الطبيعي أن تشعر بالإحباط أو الغضب أو الحزن في بعض الأحيان.

بناء نظام دعم:

وجود شبكة دعم قوية يمكن أن يساعد كثيراً في رحلة التعافي:

  • شارك تجربتك: مع الأصدقاء أو أفراد العائلة الموثوق بهم.
  • انضم إلى مجموعة دعم: للتواصل مع أشخاص يفهمون ما تمر به.
  • اطلب مساعدة مهنية: لا تتردد في البحث عن مساعدة من معالج أو طبيب.

تجنب الحميات الغذائية المقيدة:

الحميات الغذائية المقيدة غالباً ما تؤدي إلى دورة من الحرمان ثم الإفراط في تناول الطعام:

  • ركز على الأكل المتوازن: بدلاً من حرمان نفسك من مجموعات غذائية كاملة.
  • اسمح لنفسك بتناول الأطعمة المفضلة باعتدال: التحريم المطلق غالباً ما يؤدي إلى الرغبة الشديدة والإفراط لاحقاً.
  • تعلم الرضا بكميات معتدلة: اسمح لنفسك بالاستمتاع بالطعام دون الشعور بالذنب.

تذكر أن التعافي من اضطراب الأكل القهري هو رحلة وليس حدثاً. من الطبيعي أن تواجه انتكاسات في الطريق. المهم هو الاستمرار في المحاولة والتعلم من التجارب، واللجوء إلى الدعم المهني عند الحاجة.

أين تجد المساعدة لعلاج اضطراب الأكل القهري في المملكة العربية السعودية؟

إذا كنت تعاني من اضطراب الأكل القهري أو تشك في إصابتك به، فمن المهم أن تعرف أن هناك العديد من الموارد المتاحة للمساعدة في المملكة العربية السعودية. الحصول على الدعم المهني يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في رحلة التعافي.

المستشفيات والعيادات النفسية:

الرياض:

  • مجمع الأمل للصحة النفسية العنوان: طريق الملك فهد، الرياض هاتف: 0114803900 الموقع الإلكتروني: www.alamal.med.sa
  • مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث – قسم الطب النفسي العنوان: طريق الملك فهد، الرياض هاتف: 0114647272 الموقع الإلكتروني: www.kfshrc.edu.sa
  • عيادة النخبة للطب النفسي العنوان: شارع التحلية، الرياض هاتف: 0112166661

جدة:

  • مستشفى الصحة النفسية بجدة العنوان: شارع فلسطين، جدة هاتف: 0126375555
  • المركز الطبي الدولي – قسم الطب النفسي العنوان: شارع التحلية، جدة هاتف: 0126509000 الموقع الإلكتروني: www.imc.med.sa

الدمام:

  • مستشفى الصحة النفسية بالدمام العنوان: طريق الملك فهد، الدمام هاتف: 0138411111
  • مركز إشراق للطب النفسي العنوان: حي الشاطئ، الدمام هاتف: 0138092222

أخصائيو التغذية المتخصصون في اضطرابات الأكل:

  • مركز التغذية الصحية العنوان: شارع العليا، الرياض هاتف: 0114555666 الموقع الإلكتروني: www.nutrition-center.sa
  • عيادات ليفانت للتغذية العلاجية فروع في الرياض وجدة والخبر هاتف: 0118001234 الموقع الإلكتروني: www.levant-clinics.com

الخطوط الساخنة والدعم عبر الإنترنت:

  • الخط الساخن للدعم النفسي (وزارة الصحة) هاتف: 937 متاح على مدار 24 ساعة
  • جمعية زهرة لدعم مرضى اضطرابات الأكل هاتف: 0112345678 الموقع الإلكتروني: www.zahrah.org.sa
  • منصة لبيه للاستشارات النفسية عبر الإنترنت الموقع الإلكتروني: www.labayh.net تطبيق متوفر على App Store و Google Play

مجموعات الدعم:

  • مجموعة التعافي من اضطرابات الأكل تجتمع أسبوعياً في مركز الملك فهد الثقافي، الرياض للتواصل: eatingsupport@gmail.com
  • مجموعة الدعم الذاتي لاضطرابات الأكل اجتماعات أسبوعية عبر الإنترنت باللغة العربية للتسجيل: www.edsupport-arabic.com

خيارات العلاج عبر الإنترنت:

  • عيادة شفاء الافتراضية استشارات نفسية وتغذوية عبر الإنترنت الموقع الإلكتروني: www.shifa-online.sa
  • تطبيق معك للدعم النفسي استشارات نفسية عبر الهاتف والفيديو متوفر على App Store و Google Play

نصائح للحصول على المساعدة المناسبة:

  1. ابدأ بزيارة طبيبك العام: يمكنه تقييم حالتك وإحالتك إلى المتخصص المناسب.
  2. تحقق من التغطية التأمينية: استفسر عن تغطية التأمين الصحي لخدمات الصحة النفسية.
  3. لا تستسلم: إذا لم تشعر بالارتياح مع المعالج الأول، لا تتردد في البحث عن شخص آخر.
  4. استعد للموعد الأول: دوّن أعراضك ومخاوفك وأسئلتك لمناقشتها مع المتخصص.
  5. اطلب الدعم من المقربين: اصطحب صديقاً أو أحد أفراد العائلة معك إذا كنت تشعر بالقلق.

تذكر أن طلب المساعدة هو علامة على القوة وليس الضعف، وأن التعافي من اضطراب الأكل القهري ممكن مع الدعم والعلاج المناسبين.

الخاتمة

اضطراب الأكل القهري هو حالة نفسية حقيقية تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، بما في ذلك العديد من الأشخاص في مجتمعاتنا العربية. على الرغم من التحديات التي يمكن أن يسببها هذا الاضطراب، إلا أن فهم طبيعته، والتعرف على أعراضه، ومعرفة أسبابه المحتملة، يمثل خطوات مهمة في طريق التعافي.

لقد استعرضنا في هذا المقال الجوانب المختلفة لاضطراب الأكل القهري، بدءاً من تعريفه وأعراضه المميزة، مروراً بالعوامل البيولوجية والنفسية والبيئية التي قد تسهم في تطوره، وصولاً إلى طرق التشخيص والعلاج المتاحة. كما قدمنا استراتيجيات عملية للتغلب على هذا الاضطراب ومعلومات عن أماكن الحصول على المساعدة المهنية.

النقطة الأكثر أهمية التي نرغب في التأكيد عليها هي أن اضطراب الأكل القهري قابل للعلاج. مع الدعم المناسب والمساعدة المهنية والالتزام بخطة العلاج، يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب تحسين علاقتهم مع الطعام واستعادة السيطرة على حياتهم.

تذكر أن التعافي هو رحلة، وأنك لست وحدك في هذه الرحلة. الانتكاسات قد تكون جزءاً من عملية الشفاء، لكن المهم هو الاستمرار والعودة إلى المسار الصحيح. قد يبدو الأمر صعباً في البداية، لكن كل خطوة صغيرة تتخذها نحو العلاج تقربك من حياة أكثر صحة وسعادة.

إذا كنت تعاني من أعراض اضطراب الأكل القهري، فلا تتردد في طلب المساعدة. اتصل بأحد المتخصصين أو المراكز المذكورة في هذا المقال، وابدأ رحلة التعافي اليوم. تذكر أن التعافي ممكن، وأنك تستحق أن تعيش حياة خالية من قيود اضطراب الأكل القهري.

لا تدع اضطراب الأكل القهري يحدد من أنت أو يقيد إمكاناتك. اتخذ الخطوة الأولى نحو التغيير الإيجابي اليوم، واعلم أن هناك العديد من الأشخاص مستعدون لدعمك في طريقك نحو التعافي والصحة.

الأسئلة الشائعة حول اضطراب الأكل القهري

ما هو اضطراب الأكل القهري؟

اضطراب الأكل القهري هو حالة نفسية تتميز بنوبات متكررة من تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة، مع الشعور بفقدان السيطرة أثناء هذه النوبات. يختلف عن الشره المرضي العصبي (البوليميا) لأنه لا يتبع بسلوكيات تعويضية مثل التقيؤ أو استخدام الملينات.

ما هي أعراض اضطراب الأكل القهري؟

  • تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة زمنية قصيرة
  • الشعور بفقدان السيطرة على الأكل أثناء النوبة
  • الأكل بسرعة أكبر من المعتاد
  • الأكل حتى الشعور بالامتلاء المفرط
  • تناول الطعام حتى عند عدم الشعور بالجوع
  • تناول الطعام بمفرده بسبب الشعور بالحرج
  • الشعور بالذنب أو الاكتئاب أو الاشمئزاز بعد الإفراط في الأكل
  • ضيق شديد بشأن سلوك الأكل

ما هي أسباب اضطراب الأكل القهري؟

  • عوامل بيولوجية: قد تكون هناك اختلالات في الهرمونات أو الناقلات العصبية
  • عوامل وراثية: قد تلعب الجينات دوراً في القابلية للإصابة
  • عوامل نفسية: مثل الاكتئاب والقلق وضعف تقدير الذات
  • عوامل اجتماعية وثقافية: مثل الضغوط الاجتماعية وصورة الجسم المثالية
  • تاريخ من الحميات الغذائية القاسية أو التقلبات في الوزن

كيف يتم تشخيص اضطراب الأكل القهري؟

يتم التشخيص من قبل متخصص في الصحة النفسية باستخدام معايير محددة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، والتي تشمل:

  • نوبات متكررة من الأكل القهري
  • حدوث نوبات الأكل القهري مرة واحدة على الأقل أسبوعياً لمدة 3 أشهر
  • عدم وجود سلوكيات تعويضية (مثل التقيؤ) كما في حالة الشره المرضي العصبي
  • وجود ضيق ملحوظ بسبب سلوك الأكل القهري

ما هي طرق علاج اضطراب الأكل القهري؟

  • العلاج النفسي: خاصة العلاج المعرفي السلوكي (CBT) والعلاج السلوكي الجدلي (DBT)
  • العلاج الدوائي: قد تساعد بعض مضادات الاكتئاب مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)
  • العلاج الجماعي: المشاركة في مجموعات الدعم
  • تعديل نمط الحياة: تنظيم الوجبات، ممارسة الرياضة، وتقنيات إدارة التوتر
  • العلاج الغذائي: العمل مع اختصاصي تغذية لتطوير علاقة صحية مع الطعام

ما هي المضاعفات الصحية لاضطراب الأكل القهري؟

  • زيادة الوزن والسمنة
  • ارتفاع ضغط الدم
  • ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية
  • مرض السكري من النوع الثاني
  • أمراض القلب والأوعية الدموية
  • متلازمة التمثيل الغذائي
  • آلام المفاصل وهشاشة العظام
  • اضطرابات النوم
  • الاكتئاب والقلق

هل يمكن الشفاء من اضطراب الأكل القهري؟

نعم، يمكن الشفاء من اضطراب الأكل القهري مع العلاج المناسب والدعم. قد تستغرق عملية التعافي وقتاً وتتطلب نهجاً متعدد التخصصات، لكن العديد من الأشخاص يحققون تحسناً كبيراً في أعراضهم وجودة حياتهم.

كيف يمكن دعم شخص يعاني من اضطراب الأكل القهري؟

  • الاستماع بتعاطف وعدم إصدار أحكام
  • تشجيعه على طلب المساعدة المهنية
  • تجنب التعليقات حول الوزن أو الطعام
  • تعزيز صورة الجسم الإيجابية
  • المساعدة في إنشاء بيئة منزلية داعمة
  • تثقيف نفسك حول الاضطراب
  • الصبر والتفهم خلال فترة التعافي

ما الفرق بين اضطراب الأكل القهري والشره المرضي العصبي (البوليميا)؟

الفرق الرئيسي هو أن الأشخاص المصابين بالشره المرضي العصبي يتبعون نوبات الأكل القهري بسلوكيات تعويضية مثل التقيؤ المتعمد، واستخدام الملينات أو المدرات البولية، أو ممارسة الرياضة المفرطة، أو الصوم. أما في اضطراب الأكل القهري، فلا توجد هذه السلوكيات التعويضية.

هل اضطراب الأكل القهري شائع؟

نعم، يعتبر اضطراب الأكل القهري من أكثر اضطرابات الأكل شيوعاً. يؤثر على حوالي 2-5% من السكان، ويصيب الرجال والنساء بنسب متقاربة، على عكس اضطرابات الأكل الأخرى التي تكون أكثر شيوعاً بين النساء.

متى يجب طلب المساعدة المهنية لاضطراب الأكل القهري؟

يجب طلب المساعدة المهنية إذا:

  • كنت تعاني من نوبات متكررة من الإفراط في تناول الطعام
  • كنت تشعر بفقدان السيطرة على الأكل
  • كنت تشعر بالذنب أو الخجل بعد الأكل
  • أصبحت عاداتك الغذائية تؤثر على حياتك الاجتماعية أو المهنية
  • لاحظت تغيرات في وزنك أو صحتك البدنية بسبب نمط الأكل

هل يمكن الوقاية من اضطراب الأكل القهري؟

بينما لا يمكن الوقاية من اضطراب الأكل القهري بشكل مؤكد، يمكن اتخاذ بعض الإجراءات التي قد تساعد في تقليل المخاطر:

  • تطوير علاقة صحية مع الطعام
  • تجنب الحميات الغذائية القاسية
  • تعزيز صورة إيجابية للجسم
  • معالجة الاكتئاب والقلق
  • تعلم استراتيجيات صحية للتعامل مع التوتر
  • طلب المساعدة المبكرة عند ظهور مشاكل في سلوك الأكل

موضوعات ذات صلة