اضطراب ما بعد الصدمة: فهم الأعراض والأسباب وطرق العلاج
مقدمة
هل تعلم أن أكثر من 8% من سكان العالم سيعانون من اضطراب ما بعد الصدمة في مرحلة ما من حياتهم؟ هذا الاضطراب ليس مجرد رد فعل مؤقت على حدث صادم، بل هو حالة صحية نفسية قد تستمر لفترات طويلة وتؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة إذا لم يتم علاجها.
اضطراب ما بعد الصدمة هو حالة صحية نفسية تنشأ بعد التعرض لحدث صادم أو مشاهدته، حيث يستمر الشخص في إعادة معايشة الحدث من خلال الذكريات المؤلمة والكوابيس، مما يؤدي إلى تجنب المواقف المرتبطة بالصدمة وتغيرات سلبية في المزاج والتفكير، بالإضافة إلى أعراض الإثارة والتوتر المستمرة.
في هذا المقال، سنتعرف على أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وأسبابه وطرق تشخيصه وعلاجه، بالإضافة إلى استراتيجيات التأقلم المختلفة التي يمكن أن تساعد في التعامل مع هذا الاضطراب. كما سنقدم نصائح حول كيفية دعم الأحباء الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
من المهم أن نؤكد أن اضطراب ما بعد الصدمة قابل للعلاج، وأن هناك العديد من الطرق الفعالة للتعامل معه والتعافي منه. فمع التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب أن يعيشوا حياة صحية وسعيدة.
ما هي الصدمة النفسية؟
الصدمة النفسية هي رد فعل عاطفي شديد لحدث مؤلم أو مروع. وتعتبر الصدمة تجربة شخصية للغاية، حيث يمكن أن يتأثر كل شخص بشكل مختلف بالأحداث المماثلة. ما قد يكون صادماً لشخص ما قد لا يكون كذلك لشخص آخر.
أمثلة على الأحداث الصادمة:
- الحوادث الخطيرة (مثل حوادث السيارات أو الطائرات)
- الكوارث الطبيعية (مثل الزلازل أو الفيضانات)
- الاعتداء الجسدي أو الجنسي
- العنف المنزلي
- تجارب الحرب أو النزاعات المسلحة
- خطف أو اختطاف
- التعرض للتعذيب
- فقدان شخص عزيز بشكل مفاجئ أو عنيف
- التشخيص بمرض مهدد للحياة
من المهم أن نعلم أن ليس كل من يتعرض لحدث صادم سيطور اضطراب ما بعد الصدمة. في الواقع، تظهر الدراسات أن معظم الناس يتعافون من الصدمات بشكل طبيعي مع مرور الوقت. تلعب عوامل مثل المرونة الشخصية، والدعم الاجتماعي، والضعف الفردي، والتاريخ السابق للصدمات دوراً هاماً في تحديد من سيطور هذا الاضطراب.
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
تتنوع أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وتختلف من شخص لآخر، ولكنها تندرج عادة تحت أربع فئات رئيسية. يجب أن تستمر هذه الأعراض لأكثر من شهر وأن تسبب ضائقة كبيرة أو ضعفاً في الأداء اليومي ليتم تشخيصها كاضطراب ما بعد الصدمة.
اجترار الذكريات (الأفكار والذكريات الدخيلة)
- استرجاع الأحداث (الفلاش باك): إعادة معايشة الحدث الصادم كما لو كان يحدث مرة أخرى. قد يشمل ذلك مشاعر الخوف والألم والردود الجسدية مثل تسارع ضربات القلب أو التعرق.
- الكوابيس: أحلام مزعجة متكررة تتعلق بالحدث الصادم أو المشاعر المرتبطة به.
- ذكريات مؤلمة: ذكريات متطفلة وغير مرغوب فيها عن الحدث الصادم، والتي قد تحدث في أي وقت.
- الضيق النفسي: الشعور بالضيق الشديد عند التعرض لمحفزات ترتبط بالحدث الصادم.
التجنب
- تجنب الأفكار والمشاعر: محاولات متعمدة لتجنب الأفكار أو المشاعر المرتبطة بالصدمة.
- تجنب المواقف والأماكن: تجنب الأماكن أو الأنشطة أو الأشخاص الذين قد يثيرون ذكريات عن الصدمة.
- صعوبة تذكر جوانب مهمة من الحدث الصادم: فقدان الذاكرة الجزئي للحدث الصادم.
تغيرات سلبية في التفكير والمزاج
- اعتقادات سلبية عن النفس أو العالم: تطوير معتقدات سلبية مثل “أنا سيء” أو “العالم مكان خطير”.
- لوم الذات أو الآخرين: الشعور بالذنب أو لوم الآخرين بشكل مفرط عن الحدث الصادم.
- الشعور بالانفصال عن الآخرين: الشعور بالعزلة أو الانفصال عن الآخرين.
- صعوبة الشعور بمشاعر إيجابية: تقلص القدرة على الشعور بالفرح أو السعادة أو الحب.
- فقدان الاهتمام: انخفاض الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة سابقاً.
تغيرات في الإثارة والتوتر
- التهيج أو نوبات الغضب: الشعور بالغضب أو التهيج بسهولة، مع نوبات غضب غير متوقعة.
- فرط اليقظة: الشعور المستمر بالتوتر والترقب، كما لو أن الخطر يلوح في الأفق.
- استجابة مبالغ فيها للمفاجآت: ردود فعل مفرطة عند التعرض لمفاجأة (مثل القفز عند سماع صوت مفاجئ).
- صعوبة التركيز: مشاكل في التركيز على المهام أو الأنشطة اليومية.
- اضطرابات النوم: صعوبة في النوم أو البقاء نائماً، أو النوم المضطرب.
فئة الأعراض | الأعراض الرئيسية |
---|---|
اجترار الذكريات | استرجاع الأحداث، الكوابيس، ذكريات مؤلمة |
التجنب | تجنب الأفكار والمشاعر، تجنب المواقف والأماكن |
تغيرات سلبية في التفكير والمزاج | اعتقادات سلبية، الشعور بالانفصال، صعوبة الشعور بمشاعر إيجابية |
تغيرات في الإثارة والتوتر | التهيج، فرط اليقظة، اضطرابات النوم |
أسباب اضطراب ما بعد الصدمة
السبب الرئيسي لـ اضطراب ما بعد الصدمة هو التعرض لحدث صادم. ومع ذلك، لا يطور جميع الأشخاص الذين يتعرضون لصدمات هذا الاضطراب. هناك عدة عوامل خطر قد تزيد من احتمالية تطوير اضطراب ما بعد الصدمة بعد التعرض لصدمة.
عوامل الخطر
- التعرض السابق للصدمات: الأشخاص الذين تعرضوا لصدمات متعددة على مدى حياتهم هم أكثر عرضة لتطوير أثر الصدمة النفسية.
- تاريخ الصحة النفسية: الأشخاص الذين لديهم تاريخ من مشاكل الصحة النفسية مثل القلق أو الاكتئاب قد يكونون أكثر عرضة للإصابة.
- قلة الدعم الاجتماعي: عدم وجود شبكة دعم اجتماعي قوية يمكن أن يزيد من خطر تطوير اضطراب ما بعد الصدمة.
- التاريخ العائلي: وجود تاريخ عائلي من مشاكل الصحة النفسية قد يزيد من الاستعداد الوراثي.
- شدة الصدمة: كلما كانت الصدمة أكثر شدة أو طولاً، زادت احتمالية تطوير اضطراب ما بعد الصدمة.
- المزاج الفردي: سمات الشخصية وأساليب التأقلم تلعب دوراً في كيفية استجابة الشخص للصدمة.
العوامل البيولوجية
تشير الأبحاث إلى أن العوامل البيولوجية قد تلعب دوراً أيضاً في تطوير اضطراب ما بعد الصدمة. قد تشمل هذه العوامل:
- الجينات: قد تؤثر الجينات على كيفية تنظيم الدماغ للمواد الكيميائية والهرمونات المرتبطة بالخوف والتوتر.
- وظائف الدماغ: قد تكون هناك اختلافات في بنية ووظيفة أجزاء معينة من الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالاضطراب.
- هرمونات التوتر: قد يكون لدى بعض الأشخاص استجابة غير طبيعية لهرمونات التوتر، مما يجعلهم أكثر عرضة لتطوير الاضطراب.
تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة
يتم تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة من قبل أخصائي الصحة النفسية مثل الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي أو المعالج النفسي. يتضمن التشخيص تقييماً سريرياً شاملاً يشمل:
التقييم السريري
يشمل التقييم السريري مقابلة مفصلة حيث يسأل الأخصائي عن:
- الأعراض الحالية والماضية
- تاريخ التعرض للصدمات
- التاريخ الطبي والنفسي
- التاريخ العائلي للمشاكل النفسية
- أنماط استخدام المواد (الكحول والمخدرات)
- تأثير الأعراض على الحياة اليومية
معايير التشخيص
يستخدم الأخصائيون النفسيون الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة. تشمل المعايير الرئيسية:
- التعرض لحدث صادم
- أعراض اجترار الذكريات
- أعراض التجنب
- تغيرات سلبية في التفكير والمزاج
- تغيرات في الإثارة والتوتر
- استمرار الأعراض لأكثر من شهر
- تسبب الأعراض في ضائقة كبيرة أو ضعف في الأداء الاجتماعي أو المهني
التاريخ الطبي
يقوم الأخصائي بأخذ تاريخ طبي ونفسي مفصل للتأكد من أن الأعراض ليست ناتجة عن حالة طبية أخرى أو تعاطي المواد.
التشخيص التفريقي
من المهم استبعاد الحالات الأخرى التي قد تسبب أعراضاً مشابهة لـ اضطراب ما بعد الصدمة، مثل:
- اضطرابات القلق الأخرى
- الاكتئاب
- اضطرابات التكيف
- اضطرابات الشخصية
- اضطرابات استخدام المواد
علاج اضطراب ما بعد الصدمة
هناك عدة طرق فعالة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة، وغالباً ما يشمل العلاج الأمثل مزيجاً من العلاج النفسي والأدوية.
العلاج النفسي
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
العلاج السلوكي المعرفي هو أحد أكثر أنواع العلاج فعالية لاضطراب ما بعد الصدمة. يساعد الأشخاص على تحديد وتغيير أنماط التفكير السلبية والسلوكيات غير الصحية المرتبطة بالصدمة.
يشمل العلاج السلوكي المعرفي:
- تحديد وتحدي الأفكار غير الواقعية أو المشوهة
- تعلم مهارات إدارة القلق والتوتر
- تطوير استراتيجيات تأقلم صحية
العلاج السلوكي المعرفي الموجه للصدمة (TF-CBT)
العلاج السلوكي المعرفي الموجه للصدمة هو نوع متخصص من العلاج السلوكي المعرفي مصمم خصيصاً لمعالجة اضطراب ما بعد الصدمة. يركز على:
- معالجة ذكريات الصدمة بطريقة آمنة ومنظمة
- تعلم مهارات التأقلم مع الأفكار والمشاعر المرتبطة بالصدمة
- تقليل تجنب المواقف المرتبطة بالصدمة
إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة (EMDR)
إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة هي طريقة علاج مبتكرة تساعد في معالجة الذكريات الصادمة من خلال:
- توجيه المريض لمتابعة حركة عين المعالج بينما يستدعي ذكريات مؤلمة
- مساعدة الدماغ على إعادة معالجة هذه الذكريات بطريقة أقل إيلاماً
- تقليل الأعراض المرتبطة بالذكريات الصادمة
علاج التعرض
علاج التعرض يساعد الأشخاص على مواجهة مخاوفهم من خلال:
- التعرض التدريجي للمواقف والمشاعر المرتبطة بالصدمة في بيئة آمنة ومسيطر عليها
- تعلم أن هذه المواقف ليست خطيرة بالفعل
- تقليل أعراض التجنب التي تعيق الحياة اليومية
الأدوية
مضادات الاكتئاب
تعتبر مضادات الاكتئاب من أكثر الأدوية شيوعاً في علاج اضطراب ما بعد الصدمة، خاصة:
- مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) مثل الفلوكستين (بروزاك) والسيرترالين (زولوفت)
- مثبطات امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين (SNRIs) مثل الفينلافاكسين (إيفيكسور)
تساعد هذه الأدوية في تخفيف أعراض الاكتئاب والقلق والأرق المرتبطة غالباً بالاضطراب.
أدوية مضادة للقلق
قد تساعد الأدوية المضادة للقلق في تخفيف أعراض القلق الشديد ونوبات الهلع. ومع ذلك، غالباً ما تستخدم لفترة قصيرة نظراً لإمكانية الإدمان عليها.
العلاج المشترك
غالباً ما يكون الجمع بين العلاج النفسي والأدوية هو النهج الأكثر فعالية لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة. يمكن أن تساعد الأدوية في تخفيف الأعراض بينما يوفر العلاج النفسي المهارات والاستراتيجيات للتعامل مع الذكريات الصادمة والأفكار والمشاعر المرتبطة بها.
استراتيجيات التأقلم
بالإضافة إلى العلاج المهني، هناك العديد من استراتيجيات التأقلم التي يمكن أن تساعد في إدارة أعراض اضطراب ما بعد الصدمة:
الرعاية الذاتية
تعتبر الرعاية الذاتية أساسية للتعافي من اضطراب ما بعد الصدمة:
- نظام غذائي صحي: تناول وجبات متوازنة غنية بالفواكه والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة.
- ممارسة الرياضة بانتظام: ممارسة النشاط البدني لمدة 30 دقيقة على الأقل معظم أيام الأسبوع يمكن أن تقلل من التوتر وتحسن المزاج.
- نوم كاف: الحصول على 7-9 ساعات من النوم الجيد كل ليلة يمكن أن يساعد في تنظيم المزاج والتعامل مع التوتر.
- الحد من الكافيين والسكر: يمكن أن تزيد هذه المواد من أعراض القلق والتوتر.
تقنيات اليقظة والاسترخاء
تساعد تقنيات اليقظة والاسترخاء في تهدئة العقل وتقليل التوتر:
- التنفس العميق: تنفس ببطء وعمق، مع التركيز على كل نفس، يمكن أن يساعد في تهدئة الجهاز العصبي.
- التأمل: ممارسة التأمل اليومي يمكن أن تساعد في تقليل القلق وتحسين التركيز.
- اليوغا: تجمع اليوغا بين التمدد والتنفس والتأمل، مما يمكن أن يساعد في تقليل التوتر والقلق.
- الاسترخاء العضلي التدريجي: شد وإرخاء مجموعات العضلات المختلفة يمكن أن يساعد في تقليل التوتر الجسدي.
الدعم الاجتماعي
الدعم الاجتماعي أساسي للتعافي من اضطراب ما بعد الصدمة:
- التواصل مع الأصدقاء والعائلة: البقاء على اتصال مع الأحباء يمكن أن يوفر الدعم العاطفي والعملي.
- الانضمام إلى مجموعة دعم: التحدث مع أشخاص آخرين يعانون من تجارب مماثلة يمكن أن يقلل من الشعور بالعزلة ويوفر رؤى جديدة.
- طلب المساعدة عند الحاجة: التعرف على متى تحتاج إلى دعم إضافي وطلب المساعدة.
تجنب الكحول والمخدرات
يمكن أن يؤدي استخدام الكحول والمخدرات إلى تفاقم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة:
- يمكن أن يتداخل مع العلاج والأدوية
- قد يزيد من الاكتئاب والقلق على المدى الطويل
- يمكن أن يؤدي إلى مشاكل النوم
- قد يؤدي إلى سلوكيات خطرة
وضع الحدود
تعلم وضع حدود صحية أمر ضروري للتعافي:
- تعلم قول “لا” للمطالب غير الواقعية
- تحديد أولويات احتياجاتك الخاصة
- تجنب المواقف والأشخاص الذين يسببون ضغوطاً لا داعي لها
- حماية رفاهيتك العاطفية
“الشفاء ليس مسألة سرعة، بل مسألة الاتجاه الصحيح.” – جودي بيرلين
دعم الأحباء المصابين باضطراب ما بعد الصدمة
إذا كان أحد أحبائك يعاني من الاضطراب، فهناك طرق يمكنك من خلالها تقديم الدعم:
تثقيف نفسك
- تعلم قدر ما تستطيع عن اضطراب ما بعد الصدمة لفهم ما يمر به أحبائك.
- تعرف على الأعراض والمحفزات الشائعة.
- افهم أن السلوكيات الصعبة مثل الغضب أو الانسحاب هي جزء من الاضطراب وليست موجهة إليك شخصياً.
كن صبوراً ومتفهماً
- افهم أن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة يمكن أن تتقلب وأن أحبائك قد يحتاجون إلى دعم إضافي في أوقات معينة.
- كن صبوراً مع تحديات مثل تقلبات المزاج أو صعوبات النوم.
- تذكر أن التعافي هو عملية وليس حدثاً.
استمع بدون حكم
- أنشئ مساحة آمنة لأحبائك لمشاركة تجاربهم.
- استمع بفعالية دون محاولة “إصلاح” المشكلة.
- تجنب العبارات مثل “تجاوز الأمر” أو “كن أقوى”.
شجع على طلب المساعدة المهنية
- شجع أحباءك على التماس المساعدة المهنية.
- اعرض مساعدتهم في العثور على معالج أو طبيب نفسي.
- اعرض مرافقتهم إلى المواعيد إذا كان ذلك مفيداً.
اعتني بنفسك
- من المهم الاعتناء برفاهيتك الخاصة عند دعم شخص مصاب باضطراب ما بعد الصدمة.
- حدد وقتاً للراحة وممارسة الأنشطة التي تستمتع بها.
- اطلب الدعم عندما تحتاج إليه، سواء من الأصدقاء أو العائلة أو المهنيين.
الخلاصة (تتمة)
اضطراب ما بعد الصدمة هو حالة صحية نفسية يمكن أن تكون مرهقة، ولكنها قابلة للعلاج تماماً. يمكن أن تؤثر الأعراض مثل الذكريات المتطفلة، والتجنب، والتغيرات المزاجية، وزيادة التوتر على نوعية الحياة بشكل كبير، لكن مع العلاج المناسب والدعم، يمكن للأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة أن يتعافوا ويعيشوا حياة كاملة ومُرضية.
لقد تعرفنا في هذا المقال على أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وأسبابه وطرق تشخيصه وعلاجه، بالإضافة إلى استراتيجيات التأقلم التي يمكن أن تساعد في إدارة الاضطراب. كما تناولنا كيفية دعم الأحباء الذين يعانون من هذا الاضطراب.
من المهم أن نتذكر أن اضطراب ما بعد الصدمة ليس علامة على الضعف، بل هو استجابة طبيعية لتجارب غير طبيعية. مع العلاج المناسب والدعم، يمكن الشفاء والتعافي.
دعوة للعمل
إذا كنت تعاني من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة أو تعرف شخصاً يعاني منها، فلا تتردد في طلب المساعدة. التشخيص المبكر والعلاج يمكن أن يحدثا فرقاً كبيراً في رحلة التعافي.
- تواصل مع أخصائي صحة نفسية مؤهل للحصول على تقييم وعلاج مناسبين.
- انضم إلى مجموعة دعم للتواصل مع آخرين يفهمون ما تمر به.
- شارك هذا المقال مع أي شخص قد يستفيد من فهم أفضل لاضطراب ما بعد الصدمة.
تذكر أن الاضطراب قابل للعلاج، وأن الشفاء ممكن. أنت لست وحدك في هذه الرحلة.
الأسئلة الشائعة حول اضطراب ما بعد الصدمة
هل يمكن أن يصاب الأطفال باضطراب ما بعد الصدمة؟
نعم، يمكن أن يصاب الأطفال باضطراب ما بعد الصدمة. قد تظهر الأعراض بشكل مختلف عند الأطفال مقارنة بالبالغين، مثل الخوف من الانفصال عن الوالدين، أو تراجع في المهارات التطورية، أو ظهور تصرفات عدوانية، أو ممارسة ألعاب تعكس الصدمة بشكل متكرر. من المهم أن يحصل الأطفال الذين تعرضوا لصدمات على الدعم والعلاج المناسبين.
ما الفرق بين اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب التوتر الحاد؟
الفرق الرئيسي بين اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب التوتر الحاد هو المدة الزمنية. يتم تشخيص اضطراب التوتر الحاد عندما تستمر الأعراض من 3 أيام إلى شهر بعد الحدث الصادم. أما اضطراب ما بعد الصدمة فيتم تشخيصه عندما تستمر الأعراض لأكثر من شهر. الأعراض نفسها متشابهة إلى حد كبير في كلا الاضطرابين.
هل يمكن الشفاء تماماً من اضطراب ما بعد الصدمة؟
نعم، يمكن للكثيرين الشفاء تماماً من اضطراب ما بعد الصدمة مع العلاج المناسب. قد يستغرق الأمر وقتاً، وقد يختلف مسار التعافي من شخص لآخر. حتى مع التحسن الكبير، قد يواجه بعض الأشخاص أعراضاً من وقت لآخر، خاصة في أوقات الضغط أو عند التعرض لمحفزات الصدمة. لكن المهارات المكتسبة أثناء العلاج تساعد في إدارة هذه الأعراض بشكل أفضل.
هل يمكن أن يتطور اضطراب ما بعد الصدمة بعد سنوات من الحدث الصادم؟
نعم، في بعض الحالات، يمكن أن تظهر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بعد سنوات من الحدث الصادم. هذا ما يسمى بـ “اضطراب ما بعد الصدمة المتأخر الظهور”. قد يحدث هذا عندما يواجه الشخص تذكيراً قوياً بالصدمة، أو عندما يتعرض لضغوط جديدة في الحياة تقلل من قدرته على التعامل مع الذكريات الصادمة.
هل يمكن أن يؤثر اضطراب ما بعد الصدمة على الصحة الجسدية؟
نعم، يمكن أن يؤثر اضطراب ما بعد الصدمة على الصحة الجسدية أيضاً. قد يعاني الأشخاص المصابون باضطراب ما بعد الصدمة من مشاكل صحية مثل آلام الجسم، والصداع، ومشاكل الجهاز الهضمي، وارتفاع ضغط الدم، وضعف جهاز المناعة. التوتر المزمن المرتبط باضطراب ما بعد الصدمة يمكن أن يؤثر على العديد من أنظمة الجسم.
هل يمكن أن يسبب اضطراب ما بعد الصدمة إدمان المخدرات أو الكحول؟
الأشخاص المصابون بـ اضطراب ما بعد الصدمة قد يكونون أكثر عرضة لإدمان المخدرات أو الكحول، حيث قد يلجأون إلى هذه المواد كوسيلة للتعامل مع الأعراض المؤلمة. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات أو الكحول إلى تفاقم الأعراض على المدى الطويل، مما يخلق حلقة مفرغة من زيادة الأعراض وزيادة تعاطي المخدرات أو الكحول.
كيف يمكن للعائلات التعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة؟
يمكن للعائلات دعم أفرادها المصابين بـ اضطراب ما بعد الصدمة من خلال:
- التثقيف حول الاضطراب وأعراضه
- إظهار الصبر والتفهم
- تشجيع العلاج المهني
- تجنب الضغط على الشخص “للتعافي بسرعة”
- المشاركة في العلاج العائلي عند الاقتضاء
- الحفاظ على روتين منزلي ثابت ومنظم
- إيجاد التوازن بين الدعم والتشجيع على الاستقلالية
هل هناك علاقة بين اضطراب ما بعد الصدمة والانتحار؟
نعم، للأسف يرتبط اضطراب ما بعد الصدمة بزيادة خطر التفكير الانتحاري ومحاولات الانتحار. هذا يؤكد أهمية التشخيص المبكر والعلاج المناسب. إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه يعاني من أفكار انتحارية، فمن المهم طلب المساعدة فوراً من خلال الاتصال بخط للمساعدة في الأزمات أو التوجه إلى أقرب غرفة طوارئ.
المصادر والمراجع
- الجمعية الأمريكية للطب النفسي. (2013). الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الإصدار الخامس (DSM-5). واشنطن، دي سي: مطبعة الجمعية الأمريكية للطب النفسي.
- منظمة الصحة العالمية. (2022). اضطراب ما بعد الصدمة. تم الاسترجاع من https://www.who.int/mental_health/management/ptsd/en/
- المعهد الوطني للصحة النفسية. (2023). اضطراب ما بعد الصدمة. تم الاسترجاع من https://www.nimh.nih.gov/health/topics/post-traumatic-stress-disorder-ptsd/index.shtml
- Ehlers, A., & Clark, D. M. (2000). نموذج معرفي لاضطراب ما بعد الصدمة. جريدة السلوك والعلاج المعرفي، 28(4)، 319-345.
- Foa, E. B., Keane, T. M., Friedman, M. J., & Cohen, J. A. (2009). علاجات فعالة الرهاب الاجتماعي: مبادئ توجيهية من جمعية علم النفس الأمريكية. نيويورك: جيلفورد برس.
- Kessler, R. C., Aguilar-Gaxiola, S., Alonso, J., Benjet, C., Bromet, E. J., Cardoso, G., & Koenen, K. C. (2017). انتشار اضطراب ما بعد الصدمة وعلاجه في 26 دولة: نتائج من مسح الصحة العقلية العالمي لمنظمة الصحة العالمية. الأرشيف الأوروبي للطب النفسي والعلوم العصبية، 267(8)، 700-712.
- Van der Kolk, B. A. (2014). الجسد يحتفظ بالنتيجة: الدماغ والعقل والجسد في شفاء الصدمة. نيويورك: بينجوين بوكس.
- Seedat, S., & Stein, D. J. (2021). اضطراب ما بعد الصدمة. في D. anxiete sociale Stein, J. Friedman، & C. Blanco (Eds.)، دليل كامبريدج للرعاية السريرية للاضطرابات النفسية (الصفحات 263-282). كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج.
- Yehuda, R., & Hoge, C. W. (2016). علم الأعصاب البيولوجي لاضطراب ما بعد الصدمة. جريدة علم الأعصاب والطب النفسي، 41(2)، 249-253.
- Watkins, L. E., Sprang, K. R., & Rothbaum, B. O. (2018). العلاجات النفسية لاضطراب ما بعد الصدمة: تقرير الآثار المتوسطة والطويلة المدى. جريدة الصحة النفسية السريرية، 79(2)، 17-27.