انواع الرهاب الاجتماعي​

فهم انواع الرهاب الاجتماعي: الفرق بين النوع العام ومخاوف الأداء المحددة

هل سبق أن شعرت بالقلق الشديد عند التحدث أمام مجموعة من الناس؟ أو ربما تشعر بالتوتر الشديد في المناسبات الاجتماعية لدرجة تجعلك تتجنبها تماماً؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد تكون على دراية بتأثير انواع الرهاب الاجتماعي على الحياة اليومية.

على الرغم من أن الرهاب الاجتماعي هو تشخيص واحد في الأساس، إلا أن الطريقة التي يختبر بها الأشخاص هذه الحالة يمكن أن تختلف بشكل كبير، مما يؤدي إلى أسئلة حول انواع الرهاب الاجتماعي المختلفة وكيفية تصنيفها.

في هذا المقال، سنوضح الطرق الرئيسية التي يظهر بها الرهاب الاجتماعي، مع التركيز بشكل خاص على التمييز المعترف به سريرياً بين أنماطه المختلفة. سنستكشف كيف أن فهم هذه الاختلافات يمكن أن يساعد في تحديد المسار الأمثل للعلاج والدعم.

تنبيه: المعلومات الواردة في هذا المقال تهدف إلى شرح الأنماط الشائعة للرهاب الاجتماعي وليست بديلاً عن التشخيص الذاتي. يُنصح دائماً بالتماس تقييم مهني من متخصص في الصحة النفسية للحصول على تشخيص دقيق وخطة علاج مناسبة.

هل توجد “أنواع” رسمية متعددة للرهاب الاجتماعي؟

عندما نتحدث عن انواع الرهاب الاجتماعي، من المهم أن نفهم أولاً كيف يتم تصنيف هذه الحالة طبياً. وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، التشخيص الرئيسي هو “اضطراب القلق الاجتماعي” (الرهاب الاجتماعي).

التمييز الرئيسي الذي يتم إجراؤه سريرياً يتعلق بنطاق المواقف التي يخشاها الشخص. بمعنى آخر، يتم التفريق بين انواع الرهاب الاجتماعي بناءً على عدد وأنواع المواقف الاجتماعية التي تثير القلق والخوف.

المعيارالتفاصيل
التشخيص الرسمياضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي)
التمييز الرئيسينطاق المواقف المخيفة (عام أو محدد)
العنصر المشتركالخوف من التقييم السلبي

لذلك، بينما نتحدث عن انواع الرهاب الاجتماعي في هذا المقال، فإننا نشير إلى الأنماط المختلفة التي يظهر بها هذا الاضطراب، وليس إلى تشخيصات منفصلة.

النوع الأول (الأكثر شيوعاً): الرهاب الاجتماعي العام

النوع الأول والأكثر انتشاراً من انواع الرهاب الاجتماعي هو النوع العام، حيث يحدث الخوف والقلق في معظم أنواع المواقف الاجتماعية. هذا النمط يؤثر على حوالي 70% من الأشخاص المشخصين باضطراب القلق الاجتماعي.

أمثلة على المواقف المخيفة في الرهاب الاجتماعي العام:

  1. التفاعلات الاجتماعية:
    • المحادثات مع الغرباء أو الأشخاص غير المألوفين
    • مقابلة أشخاص جدد
    • المواعدة والعلاقات العاطفية
    • التحدث مع أشخاص في مناصب سلطوية (مثل المديرين أو المعلمين)
  2. مواقف المراقبة:
    • تناول الطعام أو الشراب في الأماكن العامة
    • الكتابة أمام الآخرين
    • استخدام المراحيض العامة
    • التسوق أو التواجد في أماكن مزدحمة
  3. مواقف الأداء (على الرغم من أنها قد تكون مشمولة، إلا أن الخوف لا يقتصر عليها):
    • إلقاء خطاب أو تقديم عرض
    • المشاركة في اجتماعات عمل
    • التحدث في الفصل

تأثير الرهاب الاجتماعي العام

يتسبب هذا النوع من انواع الرهاب الاجتماعي غالباً في إعاقة واسعة النطاق عبر مختلف مجالات الحياة:

  • مهنياً: صعوبة في الحصول على وظائف تتطلب تفاعلاً اجتماعياً، تجنب الترقيات التي تتطلب قيادة فريق أو التحدث أمام مجموعات
  • أكاديمياً: تجنب المشاركة في الفصل، صعوبة في العمل الجماعي
  • شخصياً: محدودية في تكوين صداقات وعلاقات، العزلة الاجتماعية

“الرهاب الاجتماعي العام يشبه وجود حارس أمن صارم في عقلك يحذر من أي موقف اجتماعي باعتباره خطراً محتملاً للرفض أو الإحراج.” – د. خالد محمود، استشاري الطب النفسي

النوع الثاني (المحدد): الرهاب الاجتماعي محدد الأداء فقط

النوع الثاني من انواع الرهاب الاجتماعي هو النوع المحدد بالأداء فقط، وهو أقل شيوعاً، حيث يقتصر الخوف والقلق على المواقف التي يتعين فيها على الشخص الأداء أمام الآخرين.

أمثلة على المواقف المخيفة في رهاب الأداء:

  • التحدث أمام الجمهور:
    • إلقاء خطاب
    • تقديم عرض تقديمي
    • التحدث في مناسبة رسمية
  • الفنون الأدائية:
    • العزف الموسيقي أمام جمهور
    • التمثيل على المسرح
    • الرقص في عرض
  • الأنشطة الرياضية:
    • ممارسة الرياضة أمام متفرجين
    • المشاركة في منافسات رياضية
    • أداء مهارات رياضية تحت الملاحظة

النقطة الأساسية التي تميز هذا النوع من انواع الرهاب الاجتماعي:

الأفراد الذين يعانون من هذا النوع المحدد لا يخافون من المواقف الاجتماعية غير المتعلقة بالأداء (مثل المحادثات العادية أو الحفلات). بمعنى آخر، يمكنهم المشاركة في التجمعات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين بشكل طبيعي طالما أنهم ليسوا محط الأنظار.

تأثير رهاب الأداء المحدد

يمكن أن يؤثر هذا النوع من انواع الرهاب الاجتماعي بشكل كبير على المسار المهني أو أنشطة محددة، ولكنه قد لا يؤثر على التفاعلات الاجتماعية العامة:

  • مهنياً: تجنب المهن التي تتطلب العروض التقديمية المنتظمة، رفض فرص الترقية التي تتضمن التحدث أمام مجموعات
  • أكاديمياً: صعوبات في المشاركة في العروض الصفية، تجنب الدورات التي تتطلب عروضاً شفهية
  • شخصياً: قد يكون لديهم حياة اجتماعية طبيعية تماماً طالما أنها لا تتضمن مواقف أداء
حالة توضيحية: سارة، موظفة ناجحة في مجال تكنولوجيا المعلومات، تتمتع بعلاقات اجتماعية جيدة وتستمتع بالمناسبات الاجتماعية. ومع ذلك، عندما يُطلب منها تقديم عرض تقديمي في العمل، فإنها تعاني من نوبات هلع شديدة وتتجنب هذه المواقف قدر الإمكان، مما أثر على تقدمها المهني على الرغم من مهاراتها التقنية المتميزة.

ما هو القاسم المشترك بين هذه “الأنواع”؟

على الرغم من الاختلافات في نطاق المواقف المخيفة بين انواع الرهاب الاجتماعي المختلفة، إلا أن الخوف الأساسي متسق عبر جميع الأنواع:

الخوف الأساسي المشترك في جميع انواع الرهاب الاجتماعي:

  • الخوف من التقييم السلبي: القلق من أن يحكم الآخرون بشكل سلبي
  • الخوف من الإحراج: الخوف من الظهور بمظهر غير لائق أو غير كفء
  • الخوف من الإذلال: القلق من التعرض للسخرية أو الإهانة
  • الخوف من الرفض: الخوف من عدم القبول الاجتماعي

في جميع انواع الرهاب الاجتماعي، يدرك الشخص غالباً أن خوفه مبالغ فيه أو غير منطقي، لكنه يظل غير قادر على التحكم فيه. هذا يؤدي إلى استراتيجيات تجنب مماثلة وأعراض جسدية متشابهة مثل التعرق، زيادة ضربات القلب، الارتجاف، وجفاف الفم.

لماذا من المهم فهم هذا الفرق؟

فهم الاختلافات بين انواع الرهاب الاجتماعي أمر بالغ الأهمية لعدة أسباب:

أهمية فهم الفروق بين انواع الرهاب الاجتماعي:

  1. فهم أدق للتحديات الفردية:
    • يساعد في تحديد المواقف التي تسبب أكبر قدر من الضيق
    • يتيح فهماً أفضل لتأثير الرهاب على مجالات الحياة المختلفة
  2. توجيه التركيز العلاجي:
    • على الرغم من أن مبادئ العلاج المعرفي السلوكي تنطبق بشكل عام، قد تختلف التدخلات المحددة
    • للرهاب العام، قد يركز العلاج على مجموعة واسعة من المهارات الاجتماعية والتعرض التدريجي للمواقف المختلفة
    • لرهاب الأداء المحدد، قد يكون التركيز أكثر تحديداً على مهارات الأداء والتعرض لمواقف الأداء فقط
  3. تطوير استراتيجيات تكيف مناسبة:
    • تساعد في تطوير استراتيجيات محددة للتعامل مع المواقف المخيفة
    • تمكين الشخص من وضع أهداف واقعية للتحسن

نظرة مقارنة بين انواع الرهاب الاجتماعي

الجانبالرهاب الاجتماعي العامرهاب الأداء المحدد
نطاق المواقف المخيفةمعظم المواقف الاجتماعيةمواقف الأداء فقط
التأثير على الحياة اليوميةواسع النطاقمحدود بمواقف معينة
التأثير على العلاقاتغالباً كبيرغالباً محدود
انتشار الحالةأكثر شيوعاً (~70%)أقل شيوعاً (~30%)
الخوف الأساسيالتقييم السلبيالتقييم السلبي

هل يمكن أن تتغير انواع الرهاب الاجتماعي مع مرور الوقت؟

نعم، يمكن لنمط انواع الرهاب الاجتماعي أن يتطور مع مرور الوقت. على سبيل المثال:

  • قد يبدأ الشخص برهاب أداء محدد ثم يتطور تدريجياً إلى نوع أكثر عمومية إذا لم يتم علاجه
  • قد يبدأ بنوع عام ومع العلاج الفعال، قد تتحسن بعض جوانب القلق الاجتماعي بينما تظل مخاوف الأداء قائمة

وجدت الدراسات أن حوالي 5-10% من الأشخاص الذين يعانون من انواع الرهاب الاجتماعي قد يشهدون تغيراً في نمط الأعراض خلال فترة 5 سنوات. هذا يؤكد أهمية إعادة التقييم المنتظم والتكيف المستمر لاستراتيجيات العلاج.

العلاجات المتاحة لمختلف انواع الرهاب الاجتماعي

بغض النظر عن نوع الرهاب الاجتماعي، هناك علاجات فعالة متاحة:

العلاجات النفسية:

  • العلاج المعرفي السلوكي (CBT): الأكثر فعالية لجميع انواع الرهاب الاجتماعي، يساعد في تحديد وتحدي الأفكار السلبية وتغيير السلوكيات التجنبية
  • العلاج بالتعرض: التعرض التدريجي للمواقف المخيفة في بيئة آمنة
  • تدريب المهارات الاجتماعية: مفيد بشكل خاص للنوع العام من انواع الرهاب الاجتماعي

العلاجات الدوائية:

  • مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs): مثل الباروكستين والسيرترالين
  • مثبطات امتصاص السيروتونين والنورادرينالين (SNRIs): مثل الفينلافاكسين
  • حاصرات بيتا: قد تكون مفيدة لرهاب الأداء المحدد، خاصة للأعراض الجسدية

“العلاج المعرفي السلوكي يعتبر الخط الأول للعلاج لجميع انواع الرهاب الاجتماعي، ولكن الاستراتيجيات المحددة قد تختلف بناءً على نمط الأعراض.” – د. سمية الحسيني، معالجة نفسية

خطوات العناية الذاتية لجميع انواع الرهاب الاجتماعي

بالإضافة إلى العلاج الرسمي، هناك استراتيجيات للعناية الذاتية يمكن أن تساعد في إدارة انواع الرهاب الاجتماعي:

  1. تعلم تقنيات الاسترخاء:
    • التنفس العميق
    • الاسترخاء العضلي التدريجي
    • اليقظة الذهنية والتأمل
  2. التعرض التدريجي:
    • البدء بمواقف أقل إثارة للقلق
    • التقدم ببطء نحو المواقف الأكثر صعوبة
    • ممارسة منتظمة
  3. تطوير مهارات التأقلم:
    • إعداد “خطط المحادثة” للمواقف الاجتماعية
    • تحضير استراتيجيات للتعامل مع القلق أثناء المواقف المخيفة
    • تعلم مهارات الحديث الذاتي الإيجابي
  4. الحفاظ على نمط حياة صحي:
    • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
    • نظام غذائي متوازن
    • نوم كافٍ وجيد
    • تجنب الكافيين والكحول والتبغ، التي يمكن أن تزيد من القلق

الخلاصة

على الرغم من أنها ليست أمراضاً متميزة متعددة، فإن فهم انواع الرهاب الاجتماعي ينطوي في المقام الأول على إدراك الفرق بين النوع العام (الخوف في معظم المواقف) والنوع المحدد بالأداء فقط (الخوف مقتصر على مواقف الأداء).

مهما كان نوع الرهاب الاجتماعي الذي قد تعاني منه، فمن المهم أن تتذكر:

  1. الخوف الأساسي هو نفسه: الخوف من التقييم السلبي
  2. كلا النوعين من انواع الرهاب الاجتماعي يستجيب للعلاج المناسب
  3. التشخيص المبكر والتدخل يحسنان النتائج بشكل كبير

إذا كنت تعاني من مخاوف اجتماعية شديدة بأي شكل من الأشكال، استشر متخصصاً للحصول على تشخيص دقيق ودعم مصمم خصيصاً لاحتياجاتك. تذكر أن الرهاب الاجتماعي حالة شائعة وقابلة للعلاج تماماً، ومع الدعم المناسب، يمكنك التغلب على المخاوف الاجتماعية وعيش حياة أكثر إشباعاً.


عن الكاتب: هذا المقال تمت مراجعته من قبل د. فاطمة الزهراء، استشارية الطب النفسي المتخصصة في اضطرابات القلق، وعضو الجمعية العربية للصحة النفسية.

هل لديك تجربة مع أي من انواع الرهاب الاجتماعي؟ شاركنا قصتك في التعليقات أدناه أو تواصل معنا للحصول على مزيد من الموارد المتخصصة.

الأسئلة الشائعة حول انواع الرهاب الاجتماعي

هل يمكن أن أعاني من النوعين من الرهاب الاجتماعي في نفس الوقت؟
نعم، يمكن أن تختلف شدة الأعراض عبر المواقف المختلفة. قد تعاني من قلق شديد في مواقف الأداء وقلق أقل (ولكن موجود) في المواقف الاجتماعية العادية.

هل انواع الرهاب الاجتماعي وراثية؟
هناك عنصر وراثي لاضطرابات القلق، بما في ذلك الرهاب الاجتماعي. إذا كان لدى أحد الوالدين اضطراب قلق، يزداد خطر إصابة الطفل، لكن العوامل البيئية والتجارب الحياتية تلعب دوراً مهماً أيضاً.

متى يجب علي التماس المساعدة المهنية للرهاب الاجتماعي؟
يجب عليك التماس المساعدة عندما يبدأ القلق الاجتماعي في التدخل في حياتك اليومية، سواء في العمل أو المدرسة أو العلاقات الشخصية. كلما تم التدخل مبكراً، كانت النتائج أفضل عموماً.

المصادر

  1. الجمعية الأمريكية للطب النفسي. anxiete sociale الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (الإصدار الخامس).
  2. منظمة الصحة العالمية. (2022). اضطرابات القلق: حقائق وأرقام.
  3. هوفمان، س. ج. (2017). الرهاب الاجتماعي: soziale angst التشخيص والعلاج. مجلة الطب النفسي المعاصر، 29(1)، 45-60.
  4. الخولي، م. (2020). اضطرابات القلق في العالم العربي: ansia sociale الانتشار والعلاج. المجلة العربية للطب النفسي، 15(2)، 78-92.
  5. كاشدان، ت. ب.، & هربرت، ج. د. (2018). الفروق بين أنواع الرهاب الاجتماعي: دراسة تحليلية. مجلة اضطرابات القلق، 42، 169-177.
  6. المركز الوطني للصحة النفسية. (2023). دليل التعامل مع اضطرابات القلق الاجتماعي. وزارة الصحة.

موضوعات ذات صلة